استثمارات الهاربين من

...

استثمارات الهاربين من

الوطن, 16 Apr 2013

URL: http://www.elwatannews.com/news/details/165751
على الرغم من أن اللاجئين السوريين فى جميع الدول العربية التى استضافتهم سواء فى تركيا أو لبنان أو الأردن شكلوا مصدرا للشكوى من زيادة أعدادهم وصعوبة توفير أماكن لهم فى المخيمات التى شيدتها الدول لهم، فإن ذلك لم يظهر على مصر حتى الآن، بل على العكس: فإن هناك الكثير من المناطق التى شهدت انتعاشاً اقتصادياً بسبب تدفق السوريين عليها، وعلى رأسها مدن 6 أكتوبر والشيخ زايد والقاهرة الجديدة.

وهناك عدد كبير من السوريين المقيمين فى مصر حالياً جاءوا محملين بأموال واستثمارات حركت السوق العقارية ونشطت حركات البيع والشراء فى كل من القاهرة الجديدة والشيخ زايد والسادس من أكتوبر فضلا عن بعض المناطق فى مدينة نصر فى القاهرة وشارع الهرم بالجيزة.

ولكن الأمر لم يقتصر على نشاط حركة البيع والشراء فقط، فقد ارتفعت الإيجارات بشكل غير مسبوق بالمدن الجديدة، خاصة 6 أكتوبر والشيخ زايد، وذلك بنسب وصلت إلى 100%.

وقال خبراء اقتصاديون إن الاستثمارات السورية التى انتقلت بكثافة العام الماضى إلى مصر، يحركها عامل مهم، فقد لجأ المستثمرون السوريون إلى مصر، فراراً من الحرب فى سوريا، ليضخوا بعض أموالهم فى اقتصادها المتعثر لكن الأغلبية العظمى من اللاجئين السوريين تبحث عن فرصة للرزق فى بلد يعانى مواطنوه البطالة.

أضف إلى ذلك المستثمرين السوريين الذين جاءوا لمصر بأموال وخبرات فى قطاعات كثيرة طالبين فتح مصانع فى المدن الجديدة للبدء فى تنفيذ مشروعاتهم والتصدير للخارج.

وأضافوا أن السوق المصرية تمتلك العديد من عوامل جذب الاستثمارات، وأبرزها توافر الأيدى العاملة، وبعضها من أصحاب الكفاءة العلمية والخبرة، وبأجور متدنية نسبياً مقارنة بما هو فى معظم الدول العربية، خاصة الخليجية منها، إلى جانب توافر الكثير من المواد الخام، والسلع الزراعية والحيوانية، والأهم -بحسب الخبراء- اتساع سوق الاستهلاك المصرية وقدرتها على استيعاب المزيد من السلع المنتجة بسبب عدد السكان الكبير.

قال الدكتور سيف الدين فرج خبير الاقتصاد العمرانى، إن السوريين أتوا إلى مصر بأموال واستثمارات قد تحرك الماء الراكد فى الكثير من القطاعات. وأشار إلى إعلان مجموعة من المستثمرين السوريين دخولهم فى مفاوضات مع مجموعة السويدى، المطور الصناعى المسئول عن تطوير 2 مليون متر مربع، بمنطقة العاشر من رمضان الصناعية لإنشاء مصانع على تلك الأراضى.

وأضاف أن المستثمرين السوريين جاءوا إلى مصر سعيا لإنشاء مشروعات بها مستغلين ارتفاع عدد سكان البلاد وإقبالهم على المنتجات السورية، بالإضافة للود بين الشعبين المصرى والسورى، واعتبر أن الفترة الحالية مناسبة جداً للسوريين لكى يستثمروا فى مصر، مشيراً إلى تراجع إقبال المستثمرين المصريين على ضخ استثمارات جديدة، فى حين أن البعض منهم ليس لديهم الأموال الكافية لفتح وتشغيل تلك المشروعات أى إن السوريين أصبحوا بالنسبة للمصريين «فرصة جديدة» لتحريك الأسواق.

وأوضح أن السوريين يهربون باستثماراتهم ومصانعهم من جحيم الحرب الدائرة فى بلادهم إلى جنة الاستثمار فى مصر، مقارنة بالأوضاع لديهم، مستغلين فى ذلك الترحيب الحكومى وعدم وجود الاستثمارات التقليدية الغربية ومن بعض الدول العربية التقليدية التى تراجعت بشكل كبير بعد ثورة يناير 2011.

وتركز المشروعات التى يسعى السوريون لإنشائها فى مصر على قطاعات الغزل والنسيج والمواد الغذائية، وسبق للمستثمرين السوريين لقاء وزيرى الصناعة والتجارة، والاستثمار، وطالبوا بضرورة إنهاء إجراءات التخصيص لمساحات الأراضى المطلوبة وإعفاءات جمركية على دخول الماكينات والمعدات اللازمة للإنتاج، وحصلوا على وعد من الحكومة بتذليل الصعاب التى تقف فى طريق دخول هذه الاستثمارات إلى مصر.

خبير التسويق العقارى إبراهيم عبدالمنعم، قال إن السوريين النازحين إلى مصر منذ بداية العام الماضى 2012 تعرضوا لمشاكل عديدة فى الاستقرار فى مصر، من أهمها إيجاد مسكن ملائم وبسعر مناسب حيث استغل أصحاب العقارات والمكاتب العقارية حاجة السوريين للسكن وعدم معرفتهم بحقيقة أسعار الإيجارات، ورفعوا إيجارات الوحدات السكنية لنسب تعدت الضعف فى بعض الحالات، مستغلين حاجتهم القصوى للسكن.

وأضاف أن أسعار العقارات فى أكتوبر والشيح زايد ارتفعت منذ نزوح العراقيين إلى مصر أيام حرب العراق 2003، ثم عادت وارتفعت مرة أخرى عند حدوث الثورات فى ليبيا، وسوريا، حيث إن المدينة تعتبر من أكثر المدن تفضيلاً للجنسيات العربية الساعية لإيجاد مسكن قريب من المناطق الصناعية التى تمثل لهم فرصة فى الحصول على وظيفة مناسبة.

وقال مصدر مسئول بوزارة الصناعة والتجارة الخارجية، إن الأيام القليلة المقبلة ستشهد حزمة من القرارات والتشريعات والتسهيلات التى ستساعد المستثمرين السوريين فى الإقبال على العمل فى السوق المصرية، للاستفادة من الخبرات السورية فى عدة قطاعات مثل الصناعات الغذائية وصناعة الغزل والنسيج، وبخاصة فى الصباغة، التى تشهد تفوقا ملحوظا من الصناع السوريين.

وأكد المصدر أن ذلك سيمثل إضافة كبرى للصناعة الوطنية، ودون مزاحمة الصناعة والصناع المصريين إلى جانب الاستفادة من الأسواق السورية فى دول شرق آسيا وأوروبا.

ومن جانب آخر، قال السفير جمال بيومى، أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، إن مجموعة من رجال الأعمال السوريين، بدأوا خطوات فعلية لضخ استثمارات جديدة فى مصر تتجاوز 500 مليون دولار فى مجالات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والخيوط والأقمشة فى العديد من المدن الصناعية المصرية، واعتبر أن ذلك يمثل دعماً قوياً للصناعة المحلية، موضحاً أن مصر ترحب بالمستثمرين من كل دول العالم، وتساءل: ما المانع من دخول رجال الأعمال السوريين؟ فأهلا بهم، طالما ذلك سيمثل دفعة جيدة للاقتصاد المصرى فى ظل أزمته الحالية وتوفر فرص عمل وعملة صعبة لمصر هى فى أشد الحاجة إليها.

ومن جانبه، قال المهندس أحمد شعراوى، عضو غرفة الصناعات النسيجية، إن الغرفة ترحب بالصناع السوريين الذين لديهم الإمكانيات لتأسيس مصانع أو نقل معداتهم إلى مصر، وأضاف: أهلا ومرحبا بهم، أما ما نرفضه فهى التجارة السورية «الترانزيت»، حيث يجب منعها والتصدى لها، لأنها ستدمر الصناعة المصرية، موضحاً أنه من السهولة دخول البضائع المهربة إلى الأراضى المصرية من دول الصين، وتركيا، عبر سوريا، وقال: «هذا أمر مرفوض تماما ولا نقبله».

وقال حسن فندى، عضو غرفة الصناعات الغذائية، إن السوق المصرية لديها القدرة الاستيعابية للاستثمارات السورية، حيث تمتلك مصر قوة شرائية رهيبة، وأعرب عن أمله أنه فى ظل المنافسة الشريفة للسوق الحرة أن تكون الاستثمارات السورية إضافة للسوق المصرية، مشيراً إلى أن دخول الصناع السوريين إلى مصر سيمثل دفعة قوية للصناع المصريين، وتبادلاً للخبرات، والاستفادة من السمعة الطيبة للمنتجات الغذائية السورية فى الأسواق العالمية.

ووفقا لوزارة الاستثمار، احتلت الشركات السورية المؤسسة فى مصر خلال العام 2012 قائمة الشركات التى يمتلكها أجانب، ووصل عددها إلى ‏365 شركة استثمارية من إجمالى ‏939‏ شركة، تم تأسيسها خلال هذا العام، حتى نهاية شهر (أكتوبر) من العام الماضى، ويتراوح حجم الاستثمارات السورية فى مصر بين 400 و500 مليون دولار.

وتتوقع تقارير مجلس الأعمال المصرى السورى، أن يتضاعف عدد الشركات الاستثمارية السورية فى الأشهر المقبلة، وأشار تقرير للمجلس إلى تسارع حركة انتقال رأس المال السورى إلى مصر فى الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضى بصورة غير مسبوقة، وكشف التقرير تمركز تلك الاستثمارات فى المدن الصناعية المصرية، مثل العبور، والعاشر من رمضان، بالإضافة إلى 6 أكتوبر، والسادات، وقدر تقرير مجلس الأعمال المصرى السورى عدد رجال الأعمال السوريين الذين وصلوا إلى مصر بنحو 30% من أعداد المستثمرين الذين فروا من سوريا والبالغ عددهم حوالى 50 ألف مستثمر، وأقام هؤلاء مشروعات فى مصر على رأسها المطاعم والمقاهى وورش الخياطة.